منذ القديم حظيت أسفي بأهمية بالغة حتى أن اسم المدينة ورد ضمن أمهات المعاجم التاريخية كمعجم البلدان لياقوت الحموي، والرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة ذكرها في مذكراته الشهيرة التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة. ولو كنا نريد أن نتعقب هذه المكانة في سائر المصادر العربية والأجنبية لوجدنا أنفسنا مأمام كراسات طويلة. وحسبنا الاشارة إلى أن أسفي شكلت وجهة مفضلة للعديد من الأسر الأندلسية والعربية من تطوان وفاس والرباط وسلا،حتى أن ذ.أحمد بن جلون وصف أسفي بأنها مدينة دبلوماسية يقطنها السفراء والقناصل، مثل غيوم بيرار الذي مثل فرنسا هنري الثالث لدى المولى عبد الملك وقنصل الدانمارك جورج هورست وجون موكي صيدلاني الملك هنري الرابع، كما كان المبعوثون البريطانيون يفدون بأسفي قبل التوجه إلى مراكش حيث نزل بالمدينة البحار الانجليزي هاريسن لتسليم رسالة من ملك إنجلترا تشارلز الأول إلى مولاي عبدالله.وهكذا تحولت أسفي إلى ميناء دبلوماسي ترسو به السفن الأوربية التي ترغب في ابرام الاتفاقيات الدولية بالعاصمة مراكش. وعبر التاريخ كانت أسفي أهم الموانئ المغربية، مما جعلها تشهد رحلات علمية شهيرة (راع 69-70-الطوف74). وقديما اتخذها المرابطون مركزا لتجميع قوافل الذهب الافريقي الذي ينقل عبر السفن إلى الأندلس لسك النقود، وبالتالي أصبحت أسفي مرسى الامبراطورية المرابطية.والبرتغاليون جعلوها ميناء رئيسيا لتصدير الحبوب والسكر والصوف. ومع توافد جالية انجليزية كبيرة على المدينة،أقام بها الانجليز مركزا تجاريا ثم أنشأوا في القرن19 مخزنا لتجميع كل ما يصدر من أسفي إلى انجلترا، غير أن معاول الهدم طالتهما ليتم تحويل مكانهما إلى ساحة مولاي يوسف. وعن أهمية أسفي لابد من الاشارة إلى المحطة البارزة التي ظهرت فيها دبلوماسية السكر على حد تعبير المؤرخين الأوربيين، حيث كان السكر القادم من شيشاوة في مقدمة المواد التي تسوقها المدينة لانجلترا، لأن المملكة لم تكن تقبل في مطبخها – على ما يقوله هنري روبيرتس - الا السكر المغربي، ثم إن أسفي كانت منطلقا لملح البارود المغربي الذي لم يكن يوازيه أي ملح في العالم والذي كان الدفاع الحربي الانجليزي يعتمده، فضلا عن كون المدينة كانت تزود أوربا بأجود الصقور المغربية التي ساهمت في تطويرهواية القنص بالصقر،وعن أسفي وهي تصدر الشمع حيث كان المستهلكون يقبلون عليه لقوة نوره وصفائه وللرائحة التي يستنشقونها عند احتراقه وكأنه مزج بمادة العطر،وأسفي مدينة الجوامع المنتشرة والأربع والأربعين وليا،روضت الطين منذ العصور الغابرة وجعلته يستجيب للاحتياجات اليومية وتحويله إلى لغة شعرية أو لوحة تشكيلية تمتزج فيها الألوان بتناسق بديع ،وأسفي التي أفلحت في تحدي أمواج البحار حيث اشتهر بها الربابنة والرياس الكبار حتى أضحت عاصمة العالم في صيد السردين،وملح الختام أسفي التي أغرت بلذائذ أسماكها جيراننا فجاؤوها محتلين...